ثقافة دينية

الخمر والمخدِّرات

By Ainbaal Network

May 04, 2017

قال الله عزّ وجلّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (1)  .

الخمر والعقل

ميّز الله الإنسان عن سائر الحيوانات بنعمة كبرى هي العقل، فعن الإمام الصادق عليه السلام: “لمّا خلق الله العقل، قال له: أقبل، فأقبل، ثم قال له: أدبر، فأدبر، ثم قال: وعزتي وجلالي، ما خلقت خلقاً هو أحبُّ إلى منك، بك آخذ، وبك أعطى، وعليك أثيب” (2).

والعقل كما عرّفه العلاّمة المجلسي: “العقل ملكة وحالة في النفس تدعو إلى اختيار الخيرات والمنافع واجتناب الشرور والمضار”(3).

وتنطلق دعوة العقل هذه من خلال التفكّر بعواقب الأعمال على قاعدة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم “إذا هممت بأمر فتدبَّر عاقبته”(4).

من هنا ورد عن الإمام الصادق عليه السلام حينما سُئل ما العقل، قال عليه السلام: “ما عُبد به الرحمن واكتسبت به الجنان” (5) 

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “ما عُبِدَ الله بشيء أفضل من العقل”(6).

وأراد الله تعالى أن يبقى العقل حاكماً على سلطان الشهوة والغضب والوهم، من هنا حُرِّمَ على الإنسان ما يُذهب حصانة العقل ومنه الخمر، لذا ورد عن أمير المؤمنين: “فرض الله… ترك شرب الخمر تحصيناً للعقل”(7).

فالخمر يُذهب العقل، وإذا ذهب العقل يمكن أن يحصل كلّ شيء، من هنا ورد في حكمة تحريم الخمر عن الإمام الصادق عليه السلام: “حرّم الله الخمر لفعلها وفسادها، لأن مدمن الخمر تورثه الارتعاش، وتذهب بنوره، وتهدم مروته، وتحمله على أن يجتري على ارتكاب المحارم، وسفك الدماء، وركوب الزنا، ولا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه، ولا يعقل ذلك، ولا يزيد شاربها إلا كلَّ شر”(8).

ويختصر الإمام الصادق عليه السلام ذلك بقوله الوارد عنه: “إنَّ الله عزّ وجلَّ جعل للشر أقفالاً، وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب”(9).

اجتناب الخمر

ولشدّة الخطورة لم يتعلّق التحريم فقط بالشرب، فالآية تقول ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾ والاجتناب يشمل الشرب وغيره، لذا ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “لعن الله الخمر، وعاصرها، وغارسها، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومشتريها، وآكل ثمنها، وحاملها، والمحمولة إليه”(10).

من هنا حرّم الله الجلوس على مائدة عليها خمر، فعن الإمام علي عليه السلام: “لا تجلسوا على مائدة يُشرب عليها الخمر، فإن العبد لا يدري متى يؤخذّ”(11) .

وعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر” (12).

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: “ملعون من جلس طائعاً على مائدة يشرب عليها الخمر” (13).

كما أفتى الفقهاء بحرمة أمور عديدة تتعلّق بالخمر غير شربه، من قبيل تزويد سيارة بالوقود، في حال كونها تنقل خمراً.

مصير شارب الخمر

عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: “والذي بعثني بالحق نبيَّاً، إنَّ شارب الخمر يأتي يوم القيامة مسوداً وجهه، يضرب برأسه الأرض وينادي واعطشا” (14).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام: “مدمن الخمر يلقى الله عزّ وجلّ كعابد وثن” (15).

وعن الإمام الصادق عليه السلام: “إنّ أهل الريّ في الدنيا من المسكر يموتون عطاشى ويُحشرون عطاشى، ويدخلون النار عطاشى” (16).

المخدِّرات وكما حال الخمر في النصوص الدينية هو حال المخدِّرات التي وردت فيها بعنوان البنج الذي فُسِّرَ بأنه نبت مخدِّر مخبط للعقل، وقد ورد في الروايات ما يدلّ على شديد قبحه، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: “سيأتي يوم على أمتي يأكلون شيء اسمه البنج، أنا بريء منهم، وهم بريئون منّي” (17).

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: “من أكل البنج، فكأنه هدم الكعبة سبعين مرّة ،كأنما قتل سبعين ملكاً مقرّباً، وكأنما قتل سبعين نبيّاً مرسلاً، وكأنما أحرق سبعين مصحفاً، وكأنما رمى إلى الله سبعين حجراً” (18).

والمخدّرات – اليوم – هي من الوسائل الأساسية للحرب الناعمة التي يقودها أعداء الأمَّة الإسلامية ضدّ شبابنا وشاباتنا، مما يستدعي علينا جميعاً دقّ ناقوس الخطر، وتأكيد التحذير من الوقوع في شباك هذه الآفة المهلكة.

أسباب اللجوء إلى المخدّرات

من المهمّ للإنسان وللأبوين، بالأخصّ، معرفة الأسباب التي تلجئ إلى تعاطي المخدّرات، والتي منها:

١- الشعور بالسعادة، فقد يعتبر الشاب الصغير أنّ الحياة قصيرة وأيام المدرسة طويلة، فعليه أن يعيش السعادة في هذه الأيام، فيجرِّب المخدِّرات لأجل ذلك. ٢- الفضول، فقد يحبّ الإنسان أن يجرِّب الأشياء الجديدة، فيتناول بعضاً من المخدِّرات، ممّا قد تؤدّي به إلى الإدمان. ٣- رفاق السوء، فالشابّ حينما يرى رفاقه يتناول المخدِّرات، فإنّه يندفع لذلك لأنّ لديه محرّكاً داخلياً يدفعه للانتماء إلى الجماعة، فيفعل ما تحبّه الجماعة التي ينتمي إليها.

دور الآباء بالنسبة لأبنائهم

١- الالتفات إلى أصحاب الأولاد أن لا يكونوا رفاق سوء. ٢- تأمين بيئة للانتماء إلى الجماعة الصالحة. ٣- العمل على ملء أوقات فراغ الأبناء من خلال الأنشطة المفيدة كالرياضة، العمل الكشفيّ، الحضور المسجديّ… ٤- الانتباه إلى المتغيِّرات التي قد تحصل في الأبناء، وتكون علامات تعاطيهم المخدِّرات من قبيل:

  1. سورة المائدة، الآية ٩٠.
  2. الحر العاملي، محمد حسن، وسائل الشيعة، ج١، ص ٤١.
  3. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج١، ص ٩٩.
  4. الحر العاملي، محمد حسن، وسائل الشيعة، ج١٥، ص ٢٨١.
  5. ابن ابي حديد، شرح نهج البلاغة، تحقيق محمد إبراهيم، لا،ط-، لا،م-، مؤسسة اسماعيليان، لا،ت-، ج١٨، ص ١٨٦.
  6. الكليني، محمد، الكافي، ج١، ص ١٨.
  7. ابن أبي طالب، الإمام علي، نهج البلاغة، ج٤، ص ٥٥.
  8. الصدوق، محمد، علل الشرائع، لا،ط-، النجف، منشورات المكتبة الحيدرية، ١٣٨٥هـ، ج٢، ص ٤٧٦.
  9. البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة، ج١٣، ص ٥٦٧.
  10. الصدورق، محمد، الأمالي، ص ٥١٢.
  11. الصدوق، محمد، الخصال، لا،ط-، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ١٤٠٣هـ، ص٦١٩.
  12. المصدر السابق، ص ١٦٤.
  13. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج٦٣، ص ٥٠٠.
  14. الكليني، محمد، الكافي، ج٦، ص٤٠٤.
  15. المصدر السابق نفسه.
  16. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج٧٦، ص ١٣٩.
  17. الطبرسي، حسين، مستدرك الوسائل، ج١٧، ص ٨٦.
  18. المصدر السابق، ص ٨٦.